الوضع المظلم
الإثنين ٠٨ / يوليو / ٢٠٢٤
Logo
  • في الذكرى الرابعة لرحيلها.. "مي سكاف" ما تزال كلماتها خالدة في نفوس السوريين

  • "لن أفقد الأمل.. لن أفقد الأمل.. إنها سوريا العظيمة وليست سوريا الأسد"
في الذكرى الرابعة لرحيلها..
الفنانة الراحلة مي سكاف/ ليفانت

تمرّ اليوم الذكر الرابعة لوفاة الممثلة السورية "مي سكاف" التي صدح صوتها في المظاهرات والحراك الشعبي السوري، وتعرضت لمضايقات وملاحقات من قبل النظام السوري وفروعه الأمنية، ما أدى لأن تغادر بلدها عام 2013 برفقة ابنها جود الزعبي، باتجاه الأردن، ثم إلى فرنسا، لتلقى حتفها هناك في المنفى الباريسي.

وكانت وفاة سكاف فاجعة للغالبية العظمى من السوريين، حيث كانت تتمتع بعلاقات طيبة مع كل من نادى للحرية واحترام حقوق الإنسان.

لكن ما آلم محبيها أنها توفيت بعيداً عن حدود بلدها الأم سوريا، حيث قالت في أحد المناسبات عندما شعرت بدنو أجلها "أتمنى أن أموت في سوريا، وهو ما دونته قبل نحو شهرين من وفاتها عبر صفحتها على فيسبوك، معبرةً خشيتها من الموت في الغربة بقولها: "ما بدي موت برات سوريا.. بس". وفي الفترة التي سبقت وفاتها تعرضت لعدة هزات قاسية كانت البداية بوفاة شقيقتها لمى، قبل أربعة أشهر من رحيلها، ووفاة والدتها في دمشق، قبل شهر ونصف فقط من مفارقتها الحياة.

اقرأ المزيد: شهادة نسائية في محاكمة كوبلنز..ورسلان يُقحِم اسم “مي سكاف”

لم تتوانَ مي سكاف، لحظة في مناصرة أقرانها السوريين المطالبين بالحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية. حيث شاركت المتظاهرين حراكهم الشعبي والثقافي، وكانت ممن نظم ونسق لمظاهرة المثقفين في حي الميدان الدمشقي، برفقة عدد كبير من الفنانين والكُتاب والشعراء وقادة الفكر السوريين، وعلى رأسهم الراحل خالد تاجا والمميز فارس الحلو وآخرين.

كما عبّرت في مرات عديدة عن رفضها لبقاء النظام وبشار الأسد على رأس السلطة، قائلة "أرفض أن يحكم ابن بشار الأسد ابني"، التي قالتها للمحققين أثناء اعتقالها الثاني في الثورة، عام 2013.

وأما اعتقالها الأول، فكان في منتصف عام 2011 مع مجموعة من زملائها الفنانين، أثناء التحضير لمظاهرة كبيرة. في الحقيقة محكمة الإرهاب وفروع النظام الأمنية كانت أقوى من صيحات الحرية، فقد شردت وهجرّت نصف الشعب السوري وقتلت ما لا يقل عن نصف مليون سوري، حسب إحصاءات أممية.

الثورة السوريّة ومواقف سكاف الوطنية

قبل اندلاع الحراك المناهض للحكم في سوريا 2011، كانت مواقف مي سكاف، واضحة من مسألة الحريات العامة والقمع والاستبداد، وفي مناسبات عدة عبرّت عن رفضها لنهج النظام الإجرامي.

ففي حوار مطول للشاعر السوري نوري الجراح عام 2013، تحدثت مي عن نشأتها وقالت: "أبي عدنان سكاف الحلبي، توفى بسبب مرض عضال وكنت ما أزال في سنتي الأولى. رباني جدي يوسف شاويش الذي أنجب من جدتي هيلانة بنتاً وابناً، تربينا كلنا في منزله. هذه الابنة أحبت مؤلفاً مسرحياً بحكم مهنتها كممثلة، يدعى سعد الله ونوس، عاشا في بيت جدي سبع سنوات، عشنا جميعاً في هذا البيت الفقير، الغني بالحب والثقافة والإبداع والوطنية التي لا تعرف ما هو الاستبداد. أنا مي سكاف.. لا أعرف أنا ماذا؟ وسأظل لا أعرف إلا معنى واحداً ووحيداً: يسقط الاستبداد".

وكان آخر ما كتبته مي، يوم 21 يوليو/ تموز، على صفحتها الخاصة على موقع فيسبوك، يعبر عن استمرارها في موقفها المناهض لحكم الرئيس السوري بشار الأسد: "لن أفقد الأمل.. لن أفقد الأمل.. إنها سوريا العظيمة وليست سوريا الأسد".

مسيرة فنية حافلة

نشأت مي في بيئة سياسية فنية، فالكاتب المسرحي السوري الراحل سعد الله ونوس، هو زوج خالتها، وهو من رواد المسرح في سوريا والعالم العربي، وكذلك خالتها هي الممثلة السابقة فايزة شاويش.

ولدت مي سكاف بمدينة دمشق السورية، في 15 أبريل 1969، وأكلمت تعليمها الجامعي في دمشق بكلية الآداب وحصلت على إجازة في الأدب الفرنسي.

وخلال تلك المرحلة برزت موهبتها الفنية في التمثيل، سواء من خلال السينما أو الدراما. لم تكن المسيرة الفنية للراحلة مي، بتلك السهولة، بل كانت أدوارها صعبة منذ البداية، لكن سرعان ما لمع نجمها في دور "تيما" بمسلسل "العبابيد"، الذي أخرجه بسام الملا. وتناول المسلسل حينها، قصة مملكة "تدمر" الشهيرة، وتقاليد المنطقة الصحراوية، وخصوصاً ما يتعلق بحياة المرأة هناك.

وكان لها تجربة سينمائية "صهيل الجهات" للمخرج ماهر كدّو 1991، عندما كانت ما تزال طالبة جامعية، وبعد أن حققت نجاحاً باهراً وبرزت موهبتها، اختارها المخرج عبد اللطيف عبد الحميد لتلعب دوراً في فيلمه الشهير "صعود المطر".

قد يهمك: الاعتقال في الدراما السورية للموسم 2022

كما كان لها العديد من الأعمال الدرامية التي أدّت فيها أدواراً مميزة تتناسب مع شخصيتها المتزنة والصلبة. وفي عام 2014 أسست معهد "تياترو" لفنون الأداء المسرحي بدمشق، حيث تدرّب فيه العديد من النجوم الفنية الشابة.

وفاة غامضة

أفاد نجل مي سكاف، جود الزعبي، بأنه غادر المنزل في الصباح، تاركاً والدته في حالة جيدة، وكانت لديها مقابلات مع أصدقاء في المساء، وفق مواعيد مُسبقة قامت بتأكيدها وتحديدها بنفسها، ولم يظهر عليها في ذلك الصباح ما يُشير إلى أنها مريضة أو مُتعبة، بل كانت طبيعية جداً وتناولت إفطارها، وودعها مغادراً المنزل. وذكر أنه عاد في المساء مُوقناً أن والدته ما زالت في الخارج مع أصدقائها، وفور دخوله فوجئ بها نائمة، فحاول إيقاظها لسؤالها عن سبب عدم خروجها فوجدها مُتوفاة، وعلى الفور أبلغ الشرطة.

ويرجع جود بأن ما مرت به سوريا وشعبها كان سبباً لأن تعيش مي فترة عصيبة دائمة التوتر والتفكير بمصير مئات آلاف المعتقلين في سجون الأسد والقابعين في المخيمات، فكان همها السوريين بحالهم وترحالهم وما يصيبهم من همٍ وحزن.

ليفانت - خاص 

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!